سعات الانسان بيكون فيه فحياته حلم ، هو حاسه و بيتمناه و مؤمن بيه جداً ، لما الحلم ده بيبدأ بدري في سنين العمر ، بيدور الانسان على حلمه في كل حاجة بيتعامل معاها ، لدرجة انه بيتوه شويا عن حلمه ده ، لانه في الأغلب بيدور في المكان الغلط ، او عموما بيدور في الوقت الغلط ، و لان حلمه اللي هو تاه عنه ده قوي فا مابينساهوش ، بيرجع يفوق لنفسه و يدور تاني .
لحد العمر ماينقله لمرحلة متتابعة ، بيحصل استقلال شخصية جزئي و يبقا الانسان صاحب قرار شويا ، وقتها آفاق بحثه بتوسع ، فا بتلقائية القطط بيقرر يبذل مجهود اكبر بحماس و قوة ، بيتعب طبعاً من التجارب اللي بيخوضها بتكون الاولى من نوعها بالنسبة لِسِنُّه الصغير نسبياً ، لكن شغف حب المعرفة بيحمسه فا بينسى تعبه و بيكمل ، زي القطط بالظبط .
و لما العمر بيجري بيه اكتر ، و تجاربه و معرفته بتُثقِل خبرته ، وقتها الانسان بيحس انه الاقدر على إيجاد حلمه ، بيحس بثقة اكبر في قراراته ، بس للاسف بتكون ثقة ملهاش أساس حقيقي ، لانه لحد مش كبير ، بيكون في حاجات في الدنيا اللي هو عايش فيها برا نطاق معرفته ، بالتالي هو ميعرفهاش و لا يعرف يقيس عليها ، عشان هو لِسَّه ما نضجش النضج الحقيقي .
في نهاية المرحلة دي غالباً بيحصل للإنسان صاحب التجارب دي كلها اللي في نظرة بتكون كافيه ، بتحصله صدمة عنيفة ، بتكون الاولى و مفترض تكون بردو الأخيرة ، بسببها الانسان بيشعر بألم بالغ الشدة بدورة بيعطي للإنسان خبرة جديدة واحدة بس ، بس المرادي الخبرة ليها شكل جديد ، نقدر نقول انها خبرة مُطْلَقَة ، هي خبرة الألم البلغ الشدة ، اللي عانى بسببه الانسان معاناة شديدة جداً بتخليه يوصل لاسم يقدر الانسان يطلقه على الخبرة دي ، ... الحذر ... ، الحذر من اي شيء ، و كل شيء قياسي يقدر الانسان انه مش بس يتوقع ، لا دا كمان بيحس بوجود أياً من أنواع الألم و هو بيدور على حلمه في الأشياء و الحالات اللي حوليه ، كمان أحياناً بيقدر يشعر بحجم الألم قبل ما يتورط فيه طبعاً بالقياس على خبرة الحذر المُكْتَسّبة حديثاً .
فا بيكون نتيجة للحذر ده انه بتدرب على الانتفاء ، الانتفاء في كل شيء ، ابسط الأشياء و أهمها ، أسهلها و أصعبها ، أءمنها و اخطرها ، ببساطة الانسان بينقي ما بين الدخول الحذر او المراقبة عن كثب لكن عن بعد في نفس الوقت ، او الاجتناب من البداية و هو لِسَّه بيحلل التجربة و بيكون ليه فيها رأي مُتَأثِر بمفهوم الانتفاء كخبرة مكتسبة..
المرحلة دي من الخبرة بتكون لها ايجابيات غير معهودة للإنسان صاحب التجربة ، بيحس فيها انه خلاص ، بقا عنده جيش قوي و مدرب يقدر يردع اي خطر من اي نوع ممكن يهدد كيانه بسلاحه الفتاك و الغير قابل للهزيمة الا وهو الانتقاء .
لكن للاسف بتكون ليها سلبية واحده ، و ليه للاسف ، للاسف لانها سلبية واحدة صحيح و لكنها سلبية قاتلة ، قاتلة لشعور شغف المعرفة اللي كان بيتمتع بيه قبل اكتساب خبرة النتقاء ، بسببها خبرة الانسان يتقف ، بتهنج ، مبتزيدش ولا بتتحرك ، و بسبب تطور العالم من حواليه بتصبح خبرته المطلقة دي الا وهي خبرة الانتقاء ، بتصبح في موقف لا تحسد عليه الحقيقة ، لانها بتتطور بس للأقل ، بتتحرك بس لورا ، بتقل في أهميتها شمولها ، مبقيتش خبرة مُطْلَقَة زي زمان ، هي لِسَّه عندها القدرة على ردع الأخطار صحيح ، ولكن مصدر قوتها اللي باين من اسمها ، الانتقاء ، ان الأنتقاء اصبح بدل مكان الانسان بينقي بخبرته ، دلوقتي بينقي بخوف ، الخوف من ضعف الخبرة دي ، لان الدنيا حواليها بتطور وهى لا .
بالمناسبة ده بيكون تفسير لمفهوم صراع الأجيال اللي بيواجهنا او بنواجهه على حسب احنا مكان مين في المواجهة ، مكان الشاب صاحب شغف المعرفة ، ولا مكان البالغ صاحب خبرة الانتقاء ، و في مثال كلنا عيشناه في بيوتنا في الحالة اللي بين الابن المراهق و الأب الحكيم ..
توقف تطور الخبرة ده بسبب الانتقاء ده سلبي زي ما قولنا ، فا الانتقاء كَقُوة مستمدة من الخبرة اللي بتضعف ، الانتقاء ده بيضعف هو كمان ، تقدر تقول بيتراجع ، بيتسخط و سنه بيصغر و بيرجع لورا . هنا بتبدأ مرحلة جديدة في عمر الانسان ، مرحلة الانهيار .
في المرحلة دي بحصل تطور لخبرة الانسان بس بالعكس ، فا ببساطة الانتقاء بيتطور بالعكس فيصبح حذر ، و الحذر بيصغر و يصبح شغف للمعرفة و شغف المعرفة بيتسخط و يصبح تسرع و بيأدي لألم نفسي بسبب ذهاب الحكمة اللي كان الانسان بيتمتع بيها في يوم من الأيام ، فا بيتحول الانسان وقتها الى مُسِنْ بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، و اكتشاف الانسان لنفسة انه بقا مُسِنْ ده بيكون مُفَاجِيء الحقيقة ، و المُفاجئة بتاخد شكل الصدمة ، لكن المرادي بدل ما الصدمة دي تدي الانسان خبرة الحزر ، بيحصل ان الصدمة بترجعه الانسان لمراحل التطور الاولى من عمره ، مراحل البحث و التواهان ، بس التوهان المرادي بيكون مُتَعَمَّد ، متعمد لانه بيكون نتيجة لحالة من الا موبالاه بتصيب الانسان المُسِن ، عشان يهرب من الواقع اللي بيكون مؤلم ليه في كثير من جوانبه ، و الهروب بيبقى في التواهان اثناء البحث عن الزمن الأصيل على حد تعبير الانسان المُسن ، الزمن اللي كان كله ضوابط و له قواعد ثابتة بحكم الأصول اللي كان الانسان عارفها في وقتها ....
في ظل الفلسفة و التعقيدات السهلة دي ، بيكون في نور واحد بس هو الدافع الوحيد و المُلهِم الحقيقي للعقل و القلب المُتَحَكِّمِين في الانسان و أدائه في كل مراحل عمره ، و هو ده النور اللي بيضيء لنا طريق الحياه و بيكون الوازع الحقيقي و الملهم الاوحد في حياة كل إنسان فينا ، هو الحلم ..
الحلم اللي بيتولد معانا ، و بيفضل جوانا في عقولنا و قلوبنا ، بيتنفس زينا و يتغذا زينا و بيتعلم و بيتخرج و يمكن ياخد شكل من أشكال النجاح في عمل او رياضة او حتي في زواج و بيت ، لاكنه بيفضل جوانا و هو ده بس اللي بيساعدنا على الحياة ، في الوقت اللي كل حاجة حوالينا بتكسر فينا و بتحبطنا عشان نكتأب و نعيش ميتين او ننتحر ..
الحلم ده اذا تم اكتشافه في اي مرحلة من مراحل العمر ، لازم تجري عليه ، و تمسكه بإيدك و سنانك ، مهما كانت الضغوط او الإغراءات ، لانك اذا بعدت عنه و انت فاهم انه بُعْد بصفة وقتية ، و انك هترجعله تاني وقت ما تحب ، تبقى غلطان ، لان حلمك ده حته منك ، بيحصلها تطورات بنفس كيفية تطورات حياتك ، و ممكن لما ترجعله تلاقيه اتبدل و بقا حلم حد تاني مش حلمك انت ،
ساعتها هتعرف المعنى الحقيقي الدنياوي للخسارة ، لما تكبر و تكون مُسِنْ و متلاقيش الحاجة الوحيدة اللي بتساعدك على انك تتنفس ..
عشان كده ، الحلم ده لازم تفهم انه حلمك انت و بس ، حلمك اللي لازم كل خطتك و أفعالك تكون بتأكد انك عمرك ما هتتنازل عنه مهما حصل ، خلاص الاستسلام للظروف و المواقف خسرك قبل كدة كتير ، خد موقف من كل الظروف مهما كانت ، اعمل المستحيل و انت واثق ان مهما كانت ضغوط الحياة و ظروفها ، مش هتخسرك حلمك تاني ، انت مش هتقبل انك تموت مخنوق ، و حلم عمرك بعيد عنك ...
No comments:
Post a Comment