Thursday, August 8, 2019

ضد الطبيعة... الفصل الأول.... السيدة أم

ضد الطبيعة

                         الفصل الاول

السيدة أم

ابداً .. ربنا سبحانه بيخلق الداء و معاه دواه ، و بيدي اللحاف على اد الغطاء (الغطاء المطلوب حسب البرد الموجود) ، و بييسر كل مخلوق لما قَدَّر الله له من وظيفة و مهام في دنياه ...

بعد كل التجارب اللي مر بيها ، كان فيها بيدور على حلمه ، و هدفه اللي عايش عشانه ، كان بيدور عليه في كل حاجة حواليه ، عمرو كان راجل من وهو صغير ، كل حاجة كان مسئول عنها طول حياته كان بيثبت فيها انه اد المسئولية ، وهو صبي كان بيتعامل بحب مع صحابه و مدرسته و بيته و الشارع ، كان عاطفي و بيحكم قلبه في كل حاجة ، كلها مواصفات حالمة جداً و الحقيقة صفات تدعوا للتأمل ، كان اللي يعرفه بسأل نفسه بعد اول مقابلة ،"جاي منين ده ولا لاقيتوه فين ، دا عايش برا الدنيا".

عمرو نازل الصبح رايح المدرسة و كان معاه ١٠ ساغ مصروفه ، المصروف ده يكفيه مواصلات و غدا لحد ما يرجع البيت ، وهو مستني الميكروباص لقا بنت جارته بتعيط ، من غير تفكير ،

- بيسألها مالك يا سمر ؟!
- ولا حاجة يا عمرو..
- فيه ايه بتعيطي ليه ؟!
- سمر بتمسح دموعها و بتحاول تداري و تعدي الموقف .. صدقني مفيش حاجة..
- عمرو مش بيحب يبقى سخيف و مُلِح في السؤال .. بس لما سمر خَلَّصِت كلامها و بعد ما مسحت دموعها ، عشان تبان قوية ، حطت عينها في عنيه ، مش واخدة بالها ان عنيها و خدودها لونهم متغير من العياط .. عمرو مقدرش يسكت ، بس هو زكي ، فاهم انه لازم يغير شكل السؤال ، و يفكر يخليه ازاي يبقى سؤال مؤثر ، عشان هو عارف انها اذا مرديتش المرادي مش هيسأل تاني .
- سمر عينيك باين فيها الزعل ، و انا مش هقدر أعدي و اعمل نفسي مش شايفك ، لا مبادئي و لا تربيتي هيسمحولي بكدة .. خليني أساعدك اذا سمحتي .
- سمر بتبصله و عنيها ملتها الدموع تاني ، "اصل كتاب العربي ضاع مني و مش عارفة أقول لماما عشان خايفة ..
- من غير تفكير عمرو بيعدي الشارع و دخل مكتبة عم حسن اللي في وش محطة الاوتوبيس ، من غير حتى ميقولها ولا يعرفها هو هيعمل ايه .. عمو حسن ازي حضرتك ،
- ازيك يا عمرو عامل ايه و ازي بابا ،
- تمام الحمد لله يا عمو ، ممكن يا عمو الاقي كتاب تانية بتاع العربي عند حضرتك
- تانية ايه يا عمرو انت مش في ابتدائية يابني
- اه يا عمو ، بس اصله مش ليا ..
- عم حسن حس انه بدأ يحرج عمرو فغير الموضوع على طول ،
- انا جيبتلك الكرة الارضيّة اللي كنت بتدور عليها يا عمرو ، عم حسن بيقوله كدة و هو يجيبله كتاب العربي اللي طلبه ..
- بجد يا عمو !!. طب هي بكام ،؟
- يا عمرو مافيش بين الخيرين حساب .. تدفعهم براحتك زي العادة ، كل يوم اخد منك قرش ، بعد شهرين تبقي خلصت ثمنها ،، و بيديله الكتاب .
- عمرو بيبص في ثمن الكتاب بيلاقيه ١٠ ساغ ، طلع الفلوس اللي معاه و بيديها لعم حسن .. اتفضل يا عمو ، و نسي يشكر عم حسن على عرضة الهائل عشان تقسيط ثمن الكرة الارضيّة
- عم حسن بيقوله ، يا عمرو خد الكتاب و ادفع بعدين
- لا يا عمو ماهم موجودين اهم ، اقسطهم ليه بقا .. اتفضل يا عمو و الف شكر ..
- ماشي يا عمرو متشكرين ، اتفضل يلا عشان ماتتأخرش
- شكراً يا عمو
عمرو عدى الشارع تاني و راح لسمر ...
- اتفضلي ..
- سمر بفرحة البنت اللي لاقت فارس احلامها بتاخد الكتاب و تقوله .. متشكرة اوى يا عمرو ، بس انت كدة اكيد صرفت كل اللي معاك ،
- عمرو ؛ ابداً انا معايا فلوس متقلقيش ، هطلع اجيب و هاجي ،
- سمر ؛ طب يلا هنتاخر الميكروباص جه ،
- عمرو ؛ لا لا اتفضلي انتي و انا هحصلك ،
- سمر ؛ عمرو ، اذا مركبتش مش هاخد الكتاب ، و بكرة ابقي ادفعلي انت يا سيدي
- عمرو بيقبل و يركبوا مع بعض و يوصلوا المدرسة و يعدي اليوم....

بينتهي الموقف اللي بيبتدي معاه الحب النقي النادر ، الحب اللي كان عمرو بيسهر و بتعب عشان يحقق فيه حلمه ، و بيستمر ليوم تخرجهم و بيستمر ليوم ما عمرو بيقرر يرتبط
و بيطلب من باباه يخطبله سمر بنت عمو مالك اللي في الدور التالت ..

ام عمرو معترضة ، بس يابني دي فلسطينية مش مصرية ، ابو عمرو بيرد ،
- و مالها الفلسطينية بس يا سامية ،
- يا حمدي الولاد و الجنسية و أهلها هناك و احنا هنا ، عمرو هيتبهدل
- يا سامية عمرو اختار خلاص و هو طول عمره راجل و اد اختياراته ، و البنت لا غبار عليها و اهلها ناس زي الفل
- عمرو؛ باركي يا ماما و ادعيلى عشان انا مش هاخد خطوة واحدة من غير رضاكي
- سامية بكل حب بتدعي لعمرو و حمدي بيبص لابنه بكل فخر بعد الكلمتين اللي قالهم لامه

و بتعدي الايام و عمرو و سمر بيجمعهم بيت اللي حلموا بيه طول عمرهم ..

بعد الجواز بأسبوع حسن بيجيله استدعاء مباشر على الوحدة بتاعته من غير اي سبب معروف ، هو كان من الطيارين المعدودين اللي اتدربوا على ادين العميد طيار مقاتل احمد عسكر ، العميد احمد عسكر في ٦٧ بعد ما ممرات مطار طريق السويس اتضربت ،اصر انه يطلع بطائرته و مرتحش الا لما جاب طيارة فانتوم الارض و نزل في نفس المطار بالطائرة الميج سليمة .. كان تصرف بطولي يستحق الاشادة.

عمرو بينفذ الاستدعاء من غير تفكير و عنيه كلها حماس ، و هو خارج سمر مباقيتش عارفة تزعل عشان جوزها هيسيبها بعد جوازهم ب٦ ايام و لا تفرح لفرحته و الحماس اللامع اللي مالي عنيه .. و هو ماشي حضنها و باس راسها و قالها .

- انتي غالية عندي اوي يا سمر ، ... مصر غالية عندي قوي
- سمر ؛ و انت غالي عندي و عند مصر كلها يا عمرو .. و ابتسامتها ماليه عنيها و قلبها

و هو خارج من باب البيت حسِّت بروحها بتتاخد منها و دموعها غلبتها و غلبت ابتسامتها و جريت عليه و اترمت في حضنه

- ارجعلي يا عمرو ، انا محتجالك ،
- عمرو حضنها و كأنه بيحضنها لأول مرة ، كان حاسس انها بنته مش مراته ، هرجعلك بجناح طيارة اسرائيلي يا سمر .. انا معمريش كذبت عليكي

ساعتها سمر هديت و دعيتله ،

يوصل عمرو مطار المنصورة الحربي يوم ٥ اكتوبر ١٩٧٣ ، و بيطبق طلعة بسكرامبل ٣ دقايق ، و كانت اول مرة يتطلب منه كدة ، تاني يوم الفجر يوصل دعم ميج من ليبيا و تتحرك اغلب الطيارات الفانتوم تروح ليبيا مكان الميج ..

تقوم الحرب يوم ٦ اكتوبر ١٩٧٣ ، و دورة كان سهل طول ال٨ ايام الأولى من الحرب و لحد يوم ١٤ اكتوبر ، يتفاجيء الدفاع الجوي بطائرات اف١٦ و فانتوم اسرائيلي بإعداد هائلة فوق المنصورة ، جاية من شمال الدلتا و عرفوا انها طارت على ارتفاع منخفض برا الساحل المصري و الرادارات مجايتهاش الا لما لقاوهم فوق دماغهم ... سكرامبل تلت دقايق و كان عمرو و زمايلة في الجو بيقاتلوا و كل ١٠ دقايق الأسراب تتغير عشان تانكات الميج متتحملش الوقت مع مود القتال ، عمرو دخل المعركة من اولها و لمدة ٤٧ دقيقة و طلع فيهم خمس مرات في كل مرة كان بيجيب طيارتين و تلاتة اسرائيليين و لحد اخر طلعة و الطياران الاسرائيلي بيهرب اودام القوات الجوية و الدفاع الجوي المصري ، عمرو ساعتها كان حاسس انهم بيهربوا منه لوحدة ، اخر ٧ دقايق طيران طيارته اتصالة بطلقة ١٦ ملي في جنب الكابينة الشمال و اصابته في جنبه ، و هو بينزف اصر انه ينزل بالطائرة سليمة ، و جواه بيقول ، اللواء عسكر لازم يفرح بيه و هو نازل من طيارته في المطار بعد النصر ده. حصل بس عمرو اول ما نزل بالطائرة و الطيارة وقفت فقد وعيه ، نزف دم كتير و زمايله خدوه على الاوشلاء و في المستشفى الميداني دكتور ياقوت بيقول للواء عسكر ،

- مش هيقدر يتنقل من هنا من غير ما أسعفه ، لازم ننقله دم ،

ساعتها كل زمايله بما فيهم اللواء عسكر اتبرعوله بالدم المناسب و دكتور ياقوت عالج مكان الجرح نتيجة الطلقة و حالته استقرت ، و انتقل بعدها بطيارة سي١٣٠ لمطار الماظة و منه على المستشفى الجوي في العباسية ، و هناك دخل عمليات و خرج منها سليم الحياه ، بس خرج باعاقة تمنعه من الخِلفة ...

دكتور ياقوت مر عليه في المستشفى بعد يومين من العملية و سأل على حالته و هو كان متوقع الرد ، و عرف ان عمرو طلب من طقم العلاج انهم مايتصلوش بحد من اهله لحد ما يقوم يقف على رجله ، بس د. ياقوت كان عارف عمرو كويس ، كانوا زمايل اوشلاء و عشرة و عيش و ملح و حرب و دم ، ياقوت كان عارف ان عمرو مش عاوز يعرف اهله بحالته لحد ما يفكر و ياخد قرار ، إصابته بالعقم كانت صعبة على نفسه جداً و ده كان سببه حبه لمراته و احلامه معاها و أحلامها معاه و اللي كان جزء كبير منها انهم يجيبوا أطفال و يكونه عيلة ...

      ............ الى اللقاء في الفصل الثاني

No comments:

Post a Comment